يعد الاستثمار العقاري في تركيا من أهم القطاعات الاستثمارية وأكثرها رواجاً وقد وضعت الحكومة رؤيتها في هذا الصدد لعام 2023 وخاصة أنه العام الذي تُصادف فيه الذكرى الـ 100 لتأسيس الجمهورية التركية (1923).
مئة عام على تأسيس الجمهورية التركية:
تأسست الجمهورية التركية في الـ 28 من تشرين الأول 1923 على يد “مصطفى كمال أتاتورك” بعد انهيار الدولة العثمانية والانتصار اعلى الغرب والطامعين في الأراضي التركية خلال حرب الاستقلال وتُصادف الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية خلال عام 2023.
تستعد الحكومة التركية تزامناً مع الذكرى لإطلاق عدة مشاريع إنمائية في أكثر من ولاية خصوصاً في العاصمة الاقتصادية (إسطنبول) وسوف نستعرض بعض هذه المشاريع وأهمها.
مركز إسطنبول المالي للتمويل الدولي:
تشير التوقعات والتصريحات الرسمية إلى أن أبواب مركز إسطنبول المالي للتمويل الدولي أو كما يُسمى “مدينة إسطنبول المالية” سوف تُفتح في الأشهر الأولى من عام 2023 في منطقة أتا شهير التابعة لقضاء عُمرانية في الشطر الآسيوي من إسطنبول.
الهدف من إنشاء هذا المركز هو أن يكون عاصمة التمويل والأعمال في تركيا ورابطاً مالياً بين القارات الثلاث “أوروبا، آسيا، أفريقيا” وسينقل مقر البنك المركزي التركي إلى مركز إسطنبول المالي وسوف تفتتح فروع لعشرات البنوك التركية والأجنبية وشركات الصرافة والاقتصاد والأعمال.
مطار إسطنبول الدولي:
افتُتحت المرحلة الأولى من مطار إسطنبول في الذكرى 95 لتأسيس الجمهورية التركية (2018) وسوف يكتمل بناء المدرجات لمطار إسطنبول الدولي بحلول عام 2023 ليصبح بذلك من أكبر مطارات العالم إذ تصل قدرته الاستيعابية إلى 250 مليون مسافر سنوياً ويتسع مدرجه لنحو 500 طائرة في وقتٍ واحد.
مدينة باشاك شهير الطبيّة:
افتتح الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” المرحلة الأولى من هذه المدينة مُنتصف عام 2020 على أن تُستكمل المراحل خلال عام 2023 وستكون المدينة بعد الانتهاء أكبر مدينة طبية في تركيا وأوروبا وثالث أكبر مدينة طبية في العالم.
قناة إسطنبول المائية:
وضع حجر الأساس لمشروع قناة إسطنبول المائية في حزيران 2021 ووفقاً للتصريحات الرسمية ستُفتتح القناة عام 2027 في حين سوف يشهد عام 2023 تقدماً كبيراً في عمليات البناء والحفر ما يرفع القيمة الاستثمارية للأراضي والمناطق المُحيطة بالقناة.
المخطط الجغرافي للقناة يُظهر امتدادها من شمالي بحيرة كوتشوك تشكمجة إلى ضفاف البحر الأسود لتربطه مع بحر مرمرة مشكلة “بوسفوراً ثانياً” بهدف تخفيف عدد السفن التجارية عبر مضيق البوسفور.
وستكون مزايا قناة إسطنبول المائية أهم بكثير من مزايا البوسفور إذ سوف تسهل حركة عبور السفن من أوروبا إلى أفريقيا وبالعكس عبر مياه البحر الأسود.
ما علاقة الاستثمار العقاري في رؤية تركيا لعام 2023؟
تشكل رؤية تركيا 2023 عموداً فقرياً بالنسبة للاستثمار العقاري في البلاد إذ أن المشاريع الحيوية والإنمائية الحكومية ستزيد زخم الاستثمار العقاري وسوف تجلب مزيداً من المُستثمرين الأجانب ما يرفع من أهمية هذا القطاع الاقتصادي الحيوي.
سيضمن ذلك ارتفاع قيمة الأراضي والعقارات بشكل كبير خاصةً في الأماكن المُحيطة بالمشاريع التركية (منطقة أتا شهير التي تضم مركز إسطنبول المالي وضفتا قناة إسطنبول المائية – منطقة باشاك شهير – منطقة أرناؤوط كوي) بحكم أنها تضم كُبرى المشاريع الحكومية التركية.
هل يتأثر الاستثمار العقاري في تركيا بنتائج الانتخابات؟
ينتظر كثيرون نتائج الانتخابات الرئاسية التركية المُقرر عقدها في حزيران 2023 مُعتقدين أن نتائجها سوف تؤثر سلباً أو إيجاباً على الاستثمار العقاري في تركيا ويظنون أنه ربما يتراجع هذا القطاع في حال تغير الحزب الحاكم في البلاد.
التاريخ والأحداث تقول إن تركيا دولة ديمقراطية وتعيش مُنذ أكثر من 30 عاماً حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني ويرى محللون كثيرو أن أي تغير في شكل الحكم الحالي لن يضر بالاستثمار العقاري في البلاد لأن ذلك القطاع محمي بموجب القوانين التركية والدستور.
ما أبرز مخاوف المُستثمر الأجنبي في تركيا؟
أكثر ما يخشاه المستثمر الأجنبي في تركيا خسارة استثماراته وأمواله في السوق العقاري التركي بسبب عدة عوامل مثل انخفاض قيمة الليرة التركية وارتفاع مؤشر التضخم وتأثر العلاقات السياسية والدبلوماسية بين تركيا ودول العالم ما يجعل ذلك المستثمر يتريث قبل المجازفة.
العقبات التي مرت على الاقتصاد التركي مُنذ عام 2016 وتحديداً الانقلاب الفاشل مروراً بالمضاربات التي طالت الليرة التركية عام 2018 والأزمة التركية الخليجية وما تبعها من أحداث من أهمها وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وكذلك أزمة التضخم أثبتت أن الاقتصاد التركي الذي يشكل الاستثمار العقاري أحد أعمدته قوي ومتماسك.
وما يدعم النظرية السابقة هو أن نمو هذا القطاع متواصل حتى اليوم كما أن تركيا عضو في مجموعة العشرين الدولية وضمن قائمة الدول التي تملك أقوى اقتصادات العالم.
يرجع هذا الأمر إلى أن الاقتصاد التركي مبني على الصادرات والاستثمار والتوظيف وليس على الليرة ومؤشر التضخم وهذا الأمر بالتحديد يسهم بشكل كبير في طمأنة المستثمر الأجنبي أن حقوقه وأمواله مصانة في تركيا وأنه سيحقق لا محالة عائدات ربحية كبيرة على المدى المتوسط والبعيد.
التوقعات المستقبلية للاستثمار العقاري في تركيا:
جميع المؤشرات لاسيما الأزمات التي تعرضت لها تركيا بما فيها مؤشر التضخم الذي بدأ بالتراجع تدل على أن مُستقبل الاستثمار العقاري في تركيا سيكون حافلاً ومزدهراً بالنجاحات وسوف يُلبي طموحات المُستثمر العقاري في تركيا.