صبح “الذكاء الاصطناعي” هو مصطلح يشمل كل التطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية، كما إن المبدأ الرئيسي للذكاء الاصطناعي هو أن يحاكي ويتخطى الطريقة التي يستوعب ويتفاعل بها البشر مع العالم من حولهم الامر الذي جعله من الركائز الأساسية لتحقيق الابتكار والتطور السريع والشامل للبشرية.
للحصول على القيمة الكاملة من “الذكاء الاصطناعي”، تقوم العديد من الشركات باستثمارات كبيرة في فرق علوم البيانات التي تقوم على الجمع بين المهارات المستمدة من مجالات مثل الإحصاء وعلوم الكمبيوتر مع المعرفة العلمية لتحليل البيانات التي يتم جمعها من مصادر متعددة.
واليوم نحن بصدد الحديث عن “الذكاء الاصطناعي” وعلاقته التي تبلورت خلال السنوات الأخيرة مع علم البناء والعمارة وما الدور الذي يمثله لتطوير هذا المجال في المستقبل
إن تطبيقات “الذكاء الاصطناعي” (Artificial Intelligence) بعد أن دخلت مجالات الصناعة والتجارة والكثير من المجالات التي تمس حياة الناس اليومية، دخلت وتشعبت في مجالات الهندسة والإنشاءات والبناء بمختلف مراحله.
وصرّح “باتوهان باغبان”، عضو مجلس إدارة مجموعة غورباغ (Gürbağ) للإنشاءات في تركيا، خلال مقابلة له مع وكالة “إخلاص” التركية للأنباء، بأن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والإنترنت والأنظمة السحابية لها ميزات من شأنها تغيير العديد من الديناميكيات في قطاع الإنشاءات.
كما أشار إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الانشاءات هو عكس ما يُعتقد بأنه غير مطبّق، بل إن مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الإنشاءات واسعة جداً، مثل تخفيض تكاليف الإنشاءات المرتفعة، موضحاً أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي من شأنها توفير تكاليف المشاريع، اكتسبت أهمية أكبر بعد أن ارتفعت هذه التكاليف بنسبة 45% تقريباً هذا العام بالمقارنة مع العام السابق.
“الذكاء الاصطناعي” واستخدامه في البناء بمختلف مراحله:
تكشف التوقعات المستقبلية بحسب تقرير نشرته ريبورتس آند داتا (Reports and Data) لأبحاث السوق أن الحصة السوقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البناء عام 2026 ستبلغ حوالي 4.5 مليار دولار.
وجاء ذات التقرير على ذكر أن هناك استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بشكل أكثر فاعلية في مراقبة الجودة وجدولة الوظائف واكتشاف المشكلات وتتبعها وإدارة الأمن واستخدام الموارد وإدارة التصميم.
وفي تقرير آخر نشرته شركة أكسنشر (Accenture) للاستشارات الإدارية والمهنية؛ ذكر أن بحلول عام 2035، يمكن للذكاء الاصطناعي زيادة أرباح الشركات بنحو 70%.
فيما احتلت التطورات التكنولوجية مكانة مهمة في قطاع الإنشاءات لفترة طويلة، وأشار “باتوهان باغبان” إلى أن للذكاء الاصطناعي أيضاً آثاراً إيجابية في مجال البناء والإنشاءات، ولا سيّما في خفض التكلفة، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات والمراحل، كما نوه إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من مجالات البناء، من التحكم في التكاليف إلى التصميمات الهندسية الأكثر إنتاجية، مروراً بالحد من المخاطر، وليس انتهاءً بتخطيط المشروع.
وأوضح “باغبان” إلى أن “الذكاء الاصطناعي” غالباً ما يُستخدم في التخطيط والتصميم، ومع استخدام الذكاء الاصطناعي، تصبح نسبة استخدام الأخير في التخطيط والتصميم أكثر من 50%، ومع هذا يصبح التصميم الأكثر إنتاجية ممكن جداً، وبهذه الطريقة، يمكن تجربة العديد من النماذج للعثور على التصميم الأفضل، ويمكن للذكاء الاصطناعي تقديم خيارات أكثر أماناً وأسرع وأنسب للمشاريع الإنشائية”.
وبين باغبان أن أصعب جزئية في المشروع هو التخطيط، وأن إدارة المشروع الناجحة يمكن أن تكون أسهل باستخدام الذكاء الاصطناعي، معلقاً على ذلك بالقول: “وفقًا للبيانات الموجودة، يمكن أن يتنبأ الذكاء الاصطناعي بالأخطاء المحتملة في المشروع أو يجعل التأخير المحتمل متوقعًا، وبهذه الطريقة، يمكن استخدام الموارد بأكثر الطرق فعالية، وبالتالي، تصبح المخاطر المتعلقة بالجودة والسلامة والوقت والتكلفة أكثر قابلية للتنبؤ.”
وتلعب تطبيقات الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تقدير تكاليف المشروع، عبر التنبؤ بشكل أفضل قبل أو أثناء المشروع، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسمح بتحديد الاحتياجات من خلال إجراء تقدير المواد اللازمة، ويسمح بتحسين الخدمات اللوجستية بشكل أسهل ويمنع أيضاً الهدر.
مستقبل “الذكاء الاصطناعي” في البناء:
بحسب عضو مجلس إدارة مجموعة غورباغ أنه يجب أن يكون هناك استخدام مستدام للذكاء الاصطناعي ليس فقط أثناء المشروع. وأوضح بالقول: “يجب تفضيل الذكاء الاصطناعي ليس فقط أثناء الإنشاء وإنما أيضًا بعد اكتمال عملية الإنشاء، الذكاء الاصطناعي الذي يمكّن مفهوم البناء الذكي؛ قادر على التحكم بتكاليف عمليات البناء الأساسية، ولا سيما في إدارة الطاقة.”
وتشير بعض المصادر إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يستخدم بكفاءة كما هو الحال في القطاعات الأخرى، إلا أنه وبالمقابل، وبحسب التوقعات المستقبلية؛ من الواضح تمامًا أن الذكاء الاصطناعي سيُستخدم بشكل أكبر في قطاع الإنشاءات من خلال طرق عديدة مثل تحليل البيانات أو معالجة الصور أو رؤية الكمبيوتر التي تعمل على كشف العيوب الهيكلية في البناء.