شرعت الحكومة التركية منذ أكثر من عقد من الزمن على إنشاء مشاريع حكومية إنمائية وذلك رؤية تركيا 2023، ومن بين هذه المشاريع يبرز مشروع قناة إسطنبول المائية.
وبالرغم من محاولة وقوف البعض من الشخصيات المعارضة التركية لمشروع القناة إلا أن الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” وحزب العدالة والتنمية أصرّا وبشدة على هذا المشروع والذي قد يكون تأخر نوعاً ما لما بعد الانتخابات التركية 2023 مع أن أعمال شق القناة بدأت فعلياً في يونيو 2022، ولكن كان هناك مخاوف من وصول المعارضة لسدة الحكم وبالتالي إيقاف المشروع نهائياً وعدم استكماله بل ردم ما تم حفره.
ولكن بعد فوز أردوغان برئاسة تركية جديدة تمتع حتى عام 2028 ازدادت الأعمال بإتمام مشروع قناة إسطنبول المائية في الوقت المحدد والمعلن من قبل المسؤولين الأتراك.
أين يقع مشروع قناة إسطنبول المائية؟
يمتد مشروع قناة إسطنبول المائية من شمال بحيرة كوتشوك تشكمجة في إسطنبول بضفتها الأوروبية ويمر ضمن أراضي منطقتي باشاك شهير وأرناؤوط كوي ليصب بعدها المياه القادمة من بحر مرمرة في البحر الأسود شمال إسطنبول.
وفقاً للمخططات الهندسية فإن طول قناة إسطنبول المائية يصل إلى 45 كم، أما عرض قاعدة القناة هو 275 متر وعمقها 20.75 متراً، وكان الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” قد وضع حجر الأساس للقناة منتصف العام الماضي على أن يتم افتتاحها رسمياً وتسيير السفن التجارية فيها عام 2027.
بحسب التقديرات الحكومية فإن كلفة المشروع من الممكن أن تصل إلى 25 مليار دولار، وكانت 56 مؤسسة تركية قد أجرت عدة دراسات تتعلق بالتربة والبنية التحتية أشرف عليها ما يزيد عن 200 عالم جيولوجي.
إلى ماذا تهدف الحكومة التركية من إنشاء قناة إسطنبول المائية؟
يصل عدد السفن التي تعبر مضيق البوسفور إلى 43 ألف سفينة في العام الواحد، وتبلغ أضيق نقطة فيه 698 متر، وتشكل الزيادة في حمولة السفن العابرة وزيادة أحجامها وعدد الناقلات الحاملة للوقود والمواد الخطرة ضغطاً وتهديداً كبيراً على إسطنبول.
وتزداد خطورة مضيق البوسفور كل عام بسبب حركة مرور السفن الضخمة وكانت أعداد السفن قدر ارتفعت من 4000 سفينة قبل مائة عام لتتراوح حالياً بين 45 إلى 50 ألف سفينة، كما أن مضيق البوسفور يضم منعطفات خطرة وتيارات قوية وحركة مرور بحرية متقاطعة مع حركة مرور السفن ويعيش مئات الآلاف على جانبيه.
إن جميع هذه العوامل والأسباب دفعت الحكومة التركية إلى العمل على إيجاد مضيق ثاني في إسطنبول يخفف الضغط الكبير على مضيق البوسفور التاريخي وبعد عدة دراسات ومشاورات هندسية وفنية استمرت لعدة سنوات قررت إنشاء قناة إسطنبول المائية.
وبالتالي فإن الهدف الأساسي من بناء القناة هو تجنيب المدينة مخاطر الحوادث المميتة الناجمة عن التقاطع الرأسي للسفت العابرة لخطوطها والتي تنقل 500 ألف مسافر يومياً، كما ستتمكن قناة إسطنبول المائية من تأسيس ممر مائي بحري دولي جديدة وإنشاء منطقة سكنية حديثة مقاومة للزلازل.
وذلك يعني أن قناة إسطنبول المائية ستخفف عبء حركة المرور البحري في مضيق البوسفور وسوق تضمن سلامة الملاحة وزيادة الأمان.
مميزات قناة إسطنبول المائية:
- تقليل فترة الانتظار إذا أن السفن الحالية تنتظر في مضيق البوسفور قرابة 14.5 ساعة لكل عبور.
- اختصار مدة انتظار السفن التي تحمل البضائع الخضرة كالناقلات والتي تصل إلى 35 ساعة.
- انخفاض الخسائر التأجيرية اليومية للناقلات التي يزيد طولها عن 200 متر حيث تصل خسائرها إلى 120 ألف دولار.
- توفير ميزات تقلل الخسائر للسفن العابرة حيث تصل تكاليف انتظار السفن إلى مليار دولار في العام الواحد.
- الإسهام في منع الكوارث البيئية والحوادث التي قد تحدث في مناطق الانتظار.
- بناء مدينتين نموذجيتين على أساس العمارة الأفقية.
- الطاقة الاستيعابية القصوى للمدينتين هي 500 ألف شخص.
- ستشكل قناة إسطنبول المائية مصدر دخل مستمر وتوفر فرص عمل لأكثر من نصف مليون شخص.
- عقب الانتهاء من المشروع ستتولد مليون ونصف المليون فرصة عمل جديدة.
الأهمية الاستثمارية لقناة إسطنبول المائية:
يرى المراقبون والعاملون في السوق العقاري التركي بأن أسعار العقارات المحيطة بمشروع القناة وعلى ضفتيها بدأت بالفعل تأخذ منحى تصاعدي وستواصل أسعار الأراضي ارتفاعاتها في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة وصولاً إلى إتمام المشروع وتسيير أول سفينة تجارية لتصل أسعار العقارات والأراضي المحيطة بقناة إسطنبول المائية لأرقام غير مسبوقة وربما قد تعادل أسعار العقارات المحاذية لمضيق البوسفور في المستقبل
من هنا تأتي الأهمية الاستثمارية لشراء الأراضي والعقارات في المناطق المتاخمة للمشروع الحكومي الأضخم في تركيا والذي لا يأتي فقط ضمن إطار رؤية تركيا 2023 بل من بين مشاريع “قرن تركيا” الجديد حيث تجهز الحكومة الحالية أعمالاً لمائة عام قادمة
من يشتري عقار في المناطق المحاذية لمشروع قناة إسطنبول اليوم سيجني في السنوات القادمة خاصةً بعد فتح القناة الآثار الإيجابية لاستثماره وسترتفع القيمة الاستثمارية لعقاره أو عقاراته لأرقام تفوق توقعاته ليتحقق بذلك هدفه من الاستثمار في تركيا